باب الأمر بالأيمان بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وشرائع الدين، والدعاء إليه، والسؤال عنه، وحفظه، وتبليغه من لم يبلغه
23 - (17) حدثنا خلف بن هشام. حدثنا حماد بن زيد، عن أبي حمزة؛ قال: سمعت ابن عباس. ح وحدثنا يحيى بن يحيى واللفظ له. أخبرنا عباد بن عباد، عن أبي جمرة، عن ابن عباس؛ قال:
قدم وفد عبدالقيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالوا: يا رسول الله إنا، هذا الحي من ربيعة، وقد حالت بيننا وبينك كفار مضر. فلا نخلص إليك إلا في شهر الحرام. فمرنا بأمر نعمل به، وندعو إليه من وراءنا. وقال: "آمركم بأربع. وأنهاكم عن أربع. الإيمان بالله (ثم فسرها لهم فقال) شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. وإقام الصلاة. وإيتاء الزكاة. وأن تؤدوا خمس ما غنمتم. وأنهاكم عن الدباء. والحنتم. والنقير. والمقير" زاد خلف في روايته "شهادة أن لا إله إلا الله" وعقد واحدة.
[ش (قدم وفد عبدالقيس) قال صاحب التحرير: الوفد الجماعة المختارة من القوم، ليتقدموهم في لقي العظماء والمصير إليهم في المهمات. واحدهم وافد. (إنا هذا الحي) فالحي منصوب على التخصيص. قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح: الذي نختاره نصب الحي على التخصيص. ويكون الخبر في قولهم من ربيعة. وأما معنى الحي، فقال صاحب المطالع: الحي اسم لمنزل القبيلة. ثم سميت القبيلة به، لأن بعضهم يحيى ببعض. (فلا نخلص إليك إلا في الشهر الحرام) معنى نخلص نصل. ومعنى كلامهم إنا لا نقدر على الوصول إليك، خوفا من أعدائنا الكفار إلا في الشهر الحرام. فإنهم لا يتعرضون لنا، كما كانت عادة العرب من تعظيم الأشهر الحرام وامتناعهم من القتال فيها. وشهر الحرام المراد به جنس الأشهر الحرم. وهي أربعة أشهر كما نص عليه القرآن العزيز. وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب. وسمي الشهر شهرا لشهرته وظهوره. (الدباء) هو القرع اليابس، أي الوعاء منه. (الحنتم) الواحدة حنتمة. وقد اختلف فيه. فأصح الأقوال وأقواها أنها جرار خضر. والثاني أنها الجرار كلها. والثالث أنها جرار يؤتي بها من مصر مقيرات الأجواف. والرابع جرار حمر أعناقها في جنوبها يجلب فيها الخمر من مصر. والخامس أفواهها في جنوبها يجلب فيها الخمر من الطائف. وكان ناس ينتبذون فيها يضاهون به الخمر. والسادس جرار كانت تعمل من طين وشعر وأدم. (النقير) جذع ينقر وسطه. (المقير) هو المزفت، وهو المطلي بالقار وهو الزفت. وقيل: الزفت نوع من القار. والصحيح الأول. وأما معنى النهي عن هذه الأربع فهو أنه نهي عن الانتباذ فيها، وهو أن، يجعل في الماء حبات من ثمر أو زبيب أو نحوهما ليحلو ويشرب وإنما خصت هذه بالنهي لأنه يسرع إليها الإسكار فيها. فيصير حراما نجسا).
24 - (17) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن المثنى، ومحمد بن بشار. وألفاظهم متقاربة. قال أبو بكر: حدثنا غندور، عن شعبة. وقال الآخران: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن أبي جمرة؛ قال:
كنت أترجم بين يدي ابن عباس، وبين الناس فأتته امرأة تسأله عن نبيذ الجر. فقال: إن وفد عبدالقيس أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من الوفد؟ أو من القوم؟" قالوا:
ربيعة، قال: "مرحبا بالقوم. أو بالوفد. غير خزايا ولا الندامى". قال: فقالوا: يا رسول الله إنا نأتيك بشقة بعيدة. وإن بيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر. وإنا لا نستطيع أن نأتيك إلا في شهر الحرام. فمرنا بأمر فصل نخبر به من وراءنا، ندخل به الجنة. قال: فأمرهم بأربع ونهاهم عن أربع. قال: أمرهم بالأيمان بالله وحده. وقال: "هل تدرون ما الإيمان بالله؟" قالوا: الله ورسوله أعلم قال: "شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. وإقام الصلاة . وإيتاء الزكاة. وصوم رمضان. وأن تؤدوا خمسا من المغنم" ونهاهم عن الدباء والحنتم والمزفت. قال شعبة: وربما قال: النقير. قال شعبة: وربما قال: المقير. وقال: "احفظوه وأخبروا به من ورائكم". وقال أبو بكر في روايته "من ورائكم" وليس في روايته المقير.
[ش(كنت أترجم بين يدي ابن عباس وبين الناس) كذا هو في الأصول. وتقديره: بينا يدي ابن عباس، بينه وبين الناس. فحذف لفظة بينه لدلالة الكلام عليها. ويجوز أن يكون المراد: بين ابن عباس وابن عباس. وأما معنى الترجمة فهو التعبير عن لغة بلغة قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمة الله تعالى: وعندي أنه كان يبلغ كلام ابن عباس إلى من خفي عليه من الناس. إما من زحام منع من سماعه فأسمعه. وأما لاختصار منع من فهمه فأفهمهم، أو نحو ذلك. قال: وإطلاقه لفظ الناس يشعر بهذا: قال: وليست الترجمة مخصوصة بتفسير لغة بلغة أخرى، فقد أطلقوا على قولهم: باب كذا اسم الترجمة. لكونه يعبر عما يذكره بعده. هذا كلام الشيخ والظاهر أن معناه أنه يفهمهم عنه ويفهمه عنهم. (نبيذ الجر) الجر اسم جمع. الواحدة جرة. ويجمع أيضا على جرار. وهو هذا الفخار المعروف. (مرحبا بالقوم) منصوب على المصدر. استعملته العرب وأكثرت منه. تريد به البر وحسن اللقاء. ومعناه صادفت رحبا وسعة. (غير خزايا ولا الندامى) هكذا هو في الأصول. الندامى بالألف واللام. وخزايا بحذفها والرواية فيه بنصب الراء في غير على الحال. وأما الخزايا فجمع خزيان. كحيران وحيارى. وسكران وسكارى. والخزيان المستحي. وقيل الذليل المهان. وأما الندامى، فقيل إنه جمع ندمان بمعنى نادم. وهي لغة في نادم. حكاها القزاز صاحب جامع اللغة، والجوهري في صحاحه. وعلى هذا هو على بابه. وقيل هو جمع نادم أتباعا للخزايا. وكان الأصل نادمين. فأتبع لخزايا تحسينا للكلام. وهذا الاتباع كثير في كلام العرب، وهو من فصيحه. ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم "اِرجعن مأزورات، غير مأجورات". وأما معناه فالمقصود أنه لم يكن منكم تأخر عن الإسلام ولا عناد. ولا أصابكم أسر ولا سباء. ولا ما أشبه ذلك مما تستحيون بسببه أو تذلون أو تهانون أو تندمون. (من شقة بعيدة) الشقة بضم الشين وكسرها، لغتان مشهورتان. أشهرهما وأفصحهما الضم. وهي التي جاء بها القرآن ن العزيز والشقة السفر البعيد. وسميت شقة لأنها تشق على الإنسان. وقيل: هي المسافة. وقيل: الغاية التي يخرج الإنسان إليها فعلى القول الأول، يكون قولهم: بعيدة، مبالغة في بعدها. (بأمر فصل) قال الخطابي وغيره: هو البيان الواضح الذي ينفصل به المراد ولا يشكل].
25 - (17) وحدثني عبيدالله بن معاذ. حدثنا أبي. ح وحدثنا نصر بن علي الجهضمي. قال: أخبرني أبي. قالا جميعا: حدثنا قرة بن خالد، عن أبي جمرة، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث. نحوا حديث شعبة. وقال:
"أنهاكم عما ينبذ في الدباء والنقير والحنتم المزفت وزاد ابن معاذ في حديثه عن أبيه قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأشج، أشج عبدالقيس "إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة".
[ش (الحلم والأناة) أما الحلم فهو العقل. وأما الأناة فهي التثبت وترك العجلة].
26 - (18) حدثنا يحيى بن أيوب. حدثنا ابن علية. حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، قال: حدثنا من لقي الوفد الذين قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من عبدالقيس. قال سعيد: وذكر قتادة أبا نضرة، عن أبي سعيد الخدري في حديثه هذا؛ أن أناسا من عبدالقيس قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا:
يا نبي الله إنا حي من ربيعة. وبيننا وبينك كفار مضر. ولا نقدر عليك إلا في أشهر الحرم فمرنا بأمر نأمر به من وراءنا، وندخل به الجنة، إذا نحن أخذنا به. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "آمركم بأربع. وأنهاكم عن أربع. اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. وأقيموا الصلاة. وآتوا الزكاة. وصوموا رمضان. وأعطوا الخمس من الغنائم. وأنهاكم عن أربع. عن الدباء. والحنتم. والمزفت والنقير". قالوا: يا نبي الله ما علمكم بالنقير؟ قال: "بلى. جذع تنقرونه. فتقذفون فيه من القطيعاء"(قال سعيد: أو قال "من التمر) ثم تصبون فيه من الماء. حتى إذا سكن غليانه شربتموه. حتى إن أحدكم (أو إن أحدهم) ليضرب ابن عمه بالسيف". قال وفي القوم رجل أصابته جراحة كذلك. قال وكنت أخبأها حياء من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت: ففيم نشرب يا رسول الله؟ قال: "في أسقية الأدم، التي يلاث على أفواهها" قالوا: يا رسول الله إن أرضنا كثيرة الجرذان. ولا تبقى بها أسقية الأدم. نبي الله صلى الله عليه وسلم لأشج عبدالقيس "إن فيك لخصلتين يحبهما الله. الحلم والأناة".
[ش (فتقذفون فيه من القطيعاء) تقذفون: معناه تلقون فيه وترمون. والقطيعاء نوع من التمر صغار يقال له شريز. (ليضرب ابن عمه بالسيف) معناه إذا شرب هذا الشراب سكر فلم يبق له عقل، وهاج به الشر، فيضرب ابن عمه الذي هو عنده من أحب أحبابه. (أسقية الأدم التي يلاث على أفواهها) الأدم جمع أديم وهو الجلد الذي تم دباغه. ومعنى يلاث على أفواهها، يلف الخيط على أفواهها ويربط به.(الجرذان) جمع جرذ كصرد وصردان. والجرذ نوع من الفار. كذا قاله الجوهري وغيره وقال الزبيدي في مختصر العين: هو الذكر من الفار].
27 - (18) حدثني محمد بن المثنى وابن بشار. قالا: حدثنا ابن أبي عدي عن سعيد، عن قتادة؛ قال: حدثني غير واحد لقي ذاك الوفد. وذكر أبا نضرة عن أبي سعيد الخدري؛ أن وفد عبدالقيس لما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم. بمثل حديث ابن علية. غير أن فيه "وتذيفون فيه من القطيعاء أو التمر والماء" ولم يقل(قال سعيد أو قال من التمر).
[ش (وتذيفون) من ذاف يذيف، كباع يبيع. ومعناه تخلطون].
28 - (18) حدثني محمد بن بكار البصري. حدثنا أبو عاصم، عن ابن جريج. ح وحدثني محمد بن رافع واللفظ له. حدثنا عبدالرزاق. أخبرنا ابن جريج. قال: أخبرني أبو قزعة؛ أن أبا نضرة أخبره، وحسنا أخبرهما؛ أن أبا سعيد الخدري أخبره؛ أن وفد عبدالقيس لما أتوا نبي الله صلى الله عليه وسلم قالوا:
يا نبي الله جعلنا الله فداءك. ماذا يصلح لنا من الأشربة؟ فقال "لا تشربوا في النقير" قالوا: يا نبي الله جعلنا الله فداءك. أو تدري ما النقير؟ قال "نعم. الجذع ينقر وسطه. ولا في الدباء ولا في الحنتمة وعليكم بالمُوكَى".
[ش (جعلنا الله فداءك) ومعناه يقيك المكاره. (عليكم بالموكى) معناه الذي يوكى أي يربط فُوْهُ بالوِكَاءِ، وهو الخيط الذي يربط به].
23 - (17) حدثنا خلف بن هشام. حدثنا حماد بن زيد، عن أبي حمزة؛ قال: سمعت ابن عباس. ح وحدثنا يحيى بن يحيى واللفظ له. أخبرنا عباد بن عباد، عن أبي جمرة، عن ابن عباس؛ قال:
قدم وفد عبدالقيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالوا: يا رسول الله إنا، هذا الحي من ربيعة، وقد حالت بيننا وبينك كفار مضر. فلا نخلص إليك إلا في شهر الحرام. فمرنا بأمر نعمل به، وندعو إليه من وراءنا. وقال: "آمركم بأربع. وأنهاكم عن أربع. الإيمان بالله (ثم فسرها لهم فقال) شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. وإقام الصلاة. وإيتاء الزكاة. وأن تؤدوا خمس ما غنمتم. وأنهاكم عن الدباء. والحنتم. والنقير. والمقير" زاد خلف في روايته "شهادة أن لا إله إلا الله" وعقد واحدة.
[ش (قدم وفد عبدالقيس) قال صاحب التحرير: الوفد الجماعة المختارة من القوم، ليتقدموهم في لقي العظماء والمصير إليهم في المهمات. واحدهم وافد. (إنا هذا الحي) فالحي منصوب على التخصيص. قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح: الذي نختاره نصب الحي على التخصيص. ويكون الخبر في قولهم من ربيعة. وأما معنى الحي، فقال صاحب المطالع: الحي اسم لمنزل القبيلة. ثم سميت القبيلة به، لأن بعضهم يحيى ببعض. (فلا نخلص إليك إلا في الشهر الحرام) معنى نخلص نصل. ومعنى كلامهم إنا لا نقدر على الوصول إليك، خوفا من أعدائنا الكفار إلا في الشهر الحرام. فإنهم لا يتعرضون لنا، كما كانت عادة العرب من تعظيم الأشهر الحرام وامتناعهم من القتال فيها. وشهر الحرام المراد به جنس الأشهر الحرم. وهي أربعة أشهر كما نص عليه القرآن العزيز. وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب. وسمي الشهر شهرا لشهرته وظهوره. (الدباء) هو القرع اليابس، أي الوعاء منه. (الحنتم) الواحدة حنتمة. وقد اختلف فيه. فأصح الأقوال وأقواها أنها جرار خضر. والثاني أنها الجرار كلها. والثالث أنها جرار يؤتي بها من مصر مقيرات الأجواف. والرابع جرار حمر أعناقها في جنوبها يجلب فيها الخمر من مصر. والخامس أفواهها في جنوبها يجلب فيها الخمر من الطائف. وكان ناس ينتبذون فيها يضاهون به الخمر. والسادس جرار كانت تعمل من طين وشعر وأدم. (النقير) جذع ينقر وسطه. (المقير) هو المزفت، وهو المطلي بالقار وهو الزفت. وقيل: الزفت نوع من القار. والصحيح الأول. وأما معنى النهي عن هذه الأربع فهو أنه نهي عن الانتباذ فيها، وهو أن، يجعل في الماء حبات من ثمر أو زبيب أو نحوهما ليحلو ويشرب وإنما خصت هذه بالنهي لأنه يسرع إليها الإسكار فيها. فيصير حراما نجسا).
24 - (17) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن المثنى، ومحمد بن بشار. وألفاظهم متقاربة. قال أبو بكر: حدثنا غندور، عن شعبة. وقال الآخران: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن أبي جمرة؛ قال:
كنت أترجم بين يدي ابن عباس، وبين الناس فأتته امرأة تسأله عن نبيذ الجر. فقال: إن وفد عبدالقيس أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من الوفد؟ أو من القوم؟" قالوا:
ربيعة، قال: "مرحبا بالقوم. أو بالوفد. غير خزايا ولا الندامى". قال: فقالوا: يا رسول الله إنا نأتيك بشقة بعيدة. وإن بيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر. وإنا لا نستطيع أن نأتيك إلا في شهر الحرام. فمرنا بأمر فصل نخبر به من وراءنا، ندخل به الجنة. قال: فأمرهم بأربع ونهاهم عن أربع. قال: أمرهم بالأيمان بالله وحده. وقال: "هل تدرون ما الإيمان بالله؟" قالوا: الله ورسوله أعلم قال: "شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. وإقام الصلاة . وإيتاء الزكاة. وصوم رمضان. وأن تؤدوا خمسا من المغنم" ونهاهم عن الدباء والحنتم والمزفت. قال شعبة: وربما قال: النقير. قال شعبة: وربما قال: المقير. وقال: "احفظوه وأخبروا به من ورائكم". وقال أبو بكر في روايته "من ورائكم" وليس في روايته المقير.
[ش(كنت أترجم بين يدي ابن عباس وبين الناس) كذا هو في الأصول. وتقديره: بينا يدي ابن عباس، بينه وبين الناس. فحذف لفظة بينه لدلالة الكلام عليها. ويجوز أن يكون المراد: بين ابن عباس وابن عباس. وأما معنى الترجمة فهو التعبير عن لغة بلغة قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمة الله تعالى: وعندي أنه كان يبلغ كلام ابن عباس إلى من خفي عليه من الناس. إما من زحام منع من سماعه فأسمعه. وأما لاختصار منع من فهمه فأفهمهم، أو نحو ذلك. قال: وإطلاقه لفظ الناس يشعر بهذا: قال: وليست الترجمة مخصوصة بتفسير لغة بلغة أخرى، فقد أطلقوا على قولهم: باب كذا اسم الترجمة. لكونه يعبر عما يذكره بعده. هذا كلام الشيخ والظاهر أن معناه أنه يفهمهم عنه ويفهمه عنهم. (نبيذ الجر) الجر اسم جمع. الواحدة جرة. ويجمع أيضا على جرار. وهو هذا الفخار المعروف. (مرحبا بالقوم) منصوب على المصدر. استعملته العرب وأكثرت منه. تريد به البر وحسن اللقاء. ومعناه صادفت رحبا وسعة. (غير خزايا ولا الندامى) هكذا هو في الأصول. الندامى بالألف واللام. وخزايا بحذفها والرواية فيه بنصب الراء في غير على الحال. وأما الخزايا فجمع خزيان. كحيران وحيارى. وسكران وسكارى. والخزيان المستحي. وقيل الذليل المهان. وأما الندامى، فقيل إنه جمع ندمان بمعنى نادم. وهي لغة في نادم. حكاها القزاز صاحب جامع اللغة، والجوهري في صحاحه. وعلى هذا هو على بابه. وقيل هو جمع نادم أتباعا للخزايا. وكان الأصل نادمين. فأتبع لخزايا تحسينا للكلام. وهذا الاتباع كثير في كلام العرب، وهو من فصيحه. ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم "اِرجعن مأزورات، غير مأجورات". وأما معناه فالمقصود أنه لم يكن منكم تأخر عن الإسلام ولا عناد. ولا أصابكم أسر ولا سباء. ولا ما أشبه ذلك مما تستحيون بسببه أو تذلون أو تهانون أو تندمون. (من شقة بعيدة) الشقة بضم الشين وكسرها، لغتان مشهورتان. أشهرهما وأفصحهما الضم. وهي التي جاء بها القرآن ن العزيز والشقة السفر البعيد. وسميت شقة لأنها تشق على الإنسان. وقيل: هي المسافة. وقيل: الغاية التي يخرج الإنسان إليها فعلى القول الأول، يكون قولهم: بعيدة، مبالغة في بعدها. (بأمر فصل) قال الخطابي وغيره: هو البيان الواضح الذي ينفصل به المراد ولا يشكل].
25 - (17) وحدثني عبيدالله بن معاذ. حدثنا أبي. ح وحدثنا نصر بن علي الجهضمي. قال: أخبرني أبي. قالا جميعا: حدثنا قرة بن خالد، عن أبي جمرة، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث. نحوا حديث شعبة. وقال:
"أنهاكم عما ينبذ في الدباء والنقير والحنتم المزفت وزاد ابن معاذ في حديثه عن أبيه قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأشج، أشج عبدالقيس "إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة".
[ش (الحلم والأناة) أما الحلم فهو العقل. وأما الأناة فهي التثبت وترك العجلة].
26 - (18) حدثنا يحيى بن أيوب. حدثنا ابن علية. حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، قال: حدثنا من لقي الوفد الذين قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من عبدالقيس. قال سعيد: وذكر قتادة أبا نضرة، عن أبي سعيد الخدري في حديثه هذا؛ أن أناسا من عبدالقيس قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا:
يا نبي الله إنا حي من ربيعة. وبيننا وبينك كفار مضر. ولا نقدر عليك إلا في أشهر الحرم فمرنا بأمر نأمر به من وراءنا، وندخل به الجنة، إذا نحن أخذنا به. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "آمركم بأربع. وأنهاكم عن أربع. اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. وأقيموا الصلاة. وآتوا الزكاة. وصوموا رمضان. وأعطوا الخمس من الغنائم. وأنهاكم عن أربع. عن الدباء. والحنتم. والمزفت والنقير". قالوا: يا نبي الله ما علمكم بالنقير؟ قال: "بلى. جذع تنقرونه. فتقذفون فيه من القطيعاء"(قال سعيد: أو قال "من التمر) ثم تصبون فيه من الماء. حتى إذا سكن غليانه شربتموه. حتى إن أحدكم (أو إن أحدهم) ليضرب ابن عمه بالسيف". قال وفي القوم رجل أصابته جراحة كذلك. قال وكنت أخبأها حياء من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت: ففيم نشرب يا رسول الله؟ قال: "في أسقية الأدم، التي يلاث على أفواهها" قالوا: يا رسول الله إن أرضنا كثيرة الجرذان. ولا تبقى بها أسقية الأدم. نبي الله صلى الله عليه وسلم لأشج عبدالقيس "إن فيك لخصلتين يحبهما الله. الحلم والأناة".
[ش (فتقذفون فيه من القطيعاء) تقذفون: معناه تلقون فيه وترمون. والقطيعاء نوع من التمر صغار يقال له شريز. (ليضرب ابن عمه بالسيف) معناه إذا شرب هذا الشراب سكر فلم يبق له عقل، وهاج به الشر، فيضرب ابن عمه الذي هو عنده من أحب أحبابه. (أسقية الأدم التي يلاث على أفواهها) الأدم جمع أديم وهو الجلد الذي تم دباغه. ومعنى يلاث على أفواهها، يلف الخيط على أفواهها ويربط به.(الجرذان) جمع جرذ كصرد وصردان. والجرذ نوع من الفار. كذا قاله الجوهري وغيره وقال الزبيدي في مختصر العين: هو الذكر من الفار].
27 - (18) حدثني محمد بن المثنى وابن بشار. قالا: حدثنا ابن أبي عدي عن سعيد، عن قتادة؛ قال: حدثني غير واحد لقي ذاك الوفد. وذكر أبا نضرة عن أبي سعيد الخدري؛ أن وفد عبدالقيس لما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم. بمثل حديث ابن علية. غير أن فيه "وتذيفون فيه من القطيعاء أو التمر والماء" ولم يقل(قال سعيد أو قال من التمر).
[ش (وتذيفون) من ذاف يذيف، كباع يبيع. ومعناه تخلطون].
28 - (18) حدثني محمد بن بكار البصري. حدثنا أبو عاصم، عن ابن جريج. ح وحدثني محمد بن رافع واللفظ له. حدثنا عبدالرزاق. أخبرنا ابن جريج. قال: أخبرني أبو قزعة؛ أن أبا نضرة أخبره، وحسنا أخبرهما؛ أن أبا سعيد الخدري أخبره؛ أن وفد عبدالقيس لما أتوا نبي الله صلى الله عليه وسلم قالوا:
يا نبي الله جعلنا الله فداءك. ماذا يصلح لنا من الأشربة؟ فقال "لا تشربوا في النقير" قالوا: يا نبي الله جعلنا الله فداءك. أو تدري ما النقير؟ قال "نعم. الجذع ينقر وسطه. ولا في الدباء ولا في الحنتمة وعليكم بالمُوكَى".
[ش (جعلنا الله فداءك) ومعناه يقيك المكاره. (عليكم بالموكى) معناه الذي يوكى أي يربط فُوْهُ بالوِكَاءِ، وهو الخيط الذي يربط به].